لقد سبق وأن بحثت في ما يجعل الأولاد أكثر «سعادة»، أي نوع من التربية هو الأفضل؟ ما هو الشيء الذي يصنع عائلات سعيدة.
لكن ما الذي يجعل الأطفال منذ طفولتهم حتى سن المراهقة أكثر «ذكاءً»؟
إليك 10 خطوات يؤكِّد العلم أنّها تساعد:
دروس الموسيقى
أثبتت البحوث أنّ الدروس الموسيقية تجعل الأطفال أكثر «ذكاءً»: «مقارنةً بالأطفال في المجموعات الضابطة، الأطفال في المجموعات الموسيقية أظهروا ارتفاعاً في نسبة الذكاء. وبالرغم من أنّ التأثير الموسيقي كان صغيراً نسبياً إلّا أنّه عُمّمَ على فحوص مستوى «الذكاء»، وكمقياس معياري للإنجازات الأكاديمية».
في الحقيقة، إنّ التدريب الموسيقي يساعد الجميع، صغاراً أو كباراً في السن: «وجدت الكثير من الأبحاث أنّ التدريب الموسيقي يزيد من منافع التعلُّم في الصف بالنسبة للطلّاب. كما أنّه يمكن أن ينفع الجدّات أيضاً في التغلُّب على بعض الآثار الضارّة للتقدّم في السن».
القدوة الرياضية هي خرافة
الأشخاص الذين نعتبرهم قدوة لنا بسبب لياقتهم البدنية هم كذلك فقط لأنّهم يمضون وقتاً أطول في الملعب منه في المكتبة. لكن ماذا لو حرصت على أن يكرِّس أطفالك وقتهم للاثنان؟
أن تمتلك شكلاً جسدياً جيِّداً يزيد من قدرتك على التعلّم. بعد التمرينات الرياضية، تزيد سرعة التقاط الناس للمفردات اللغوية الجديدة بنسبة 20%.
«في دراسة ألمانية عام 2007 وجد الباحثون أنّ الناس يتعلّمون المفردات اللغوية الجديدة أسرع بنسبة 20% بعد قيامهم بالتمارين الرياضية عن قدرتهم قبلها. وأنّ مستوى التعلّم مرتبط مباشرةً بمستويات عامل التغذية العصبية الدماغية».
إنّ اتّباع نظام غذائي وتدريبي لمدّة 3 أشهر يزيد من نسبة تدفق الدم إلى الجزء من الدماغ المسؤول عن الذاكرة والتعلّم بنسبة 30%.
«في هذه الدراسة، وضع small مجموعة من المتطوعين في نظام تدريبي لمدّة 3 شهور، ثمّ أخذ صُور لأدمغتهم. ما رآه كان أنّ حجم الأنابيب الشعرية في منطقة الذاكرة في الحصين (منطقة في الدماغ)، ازداد بنسبة 30% وهو تغيُّر ملحوظ جدّاً»
لا تقرأ لأطفالك، اقرأ معهم
لديك طفل صغير يتعلّم القراءة؟ لا تدعه يحدّق في الصُّور الموجودة في الكتاب بينما تقوم أنتَ بكامل القراءة له وحدك.
اطلب منه الانتباه إلى الكلمات، اقرأ معه وليس له. أظهرت الأبحاث أنّ هذا يساعد على بناء مهارات طفلك في القراءة: «إنّ مشاركة الأطفال في القراءة مع الانتباه لتطوير مهارات القراءة لديهم، سيجعل من القراءة أداة فعّالة لتطوير القدرة الأدبية الأولية حتى بالنسبة للأطفال الأقل استيعاباً».
الحرمان من النوم يجعل الأطفال أغبياء
ضياع ساعة واحدة من النوم كافياً لتحويل دماغ في المرحلة السادسة إلى دماغ في المرحلة الرابعة.
«ضياع ساعة من النوم يساوي ضياع سنتين من النضوج المعرفي والتطوّر» كما يشرح sadeh.
أي أنّ هناك ارتباط بين درجات نمو الدماغ ومتوسط كمية النوم.
«المراهقون من المجموعة A يحصلون على كمية من النوم أكثر بـ(15) دقيقة من الطلاب في المجموعة B والذين بدورهم يحصلون على (15) دقيقة نوم إضافية من الأطفال في المجموعة C وهكذا… أثبتت بيانات دراسة معتمدة على أكثر من 3000 طالب من المرحلة الثانوية، أنّ كلّ (15) دقيقة نوم إضافية تُحدث فرقاً».
نسبة «الذكاء» لا تساوي الكثير دون الانضباط الذاتي
الانضباط الذاتي يتفوق على نسبة «الذكاء» في توقع مَن هو الشخص الذي سيكون ناجحاً في الحياة.
«الكثير من الدراسات أظهرت أنّ قوّة الإرادة هي العادة المفتاحية الأكثر أهمّية في نجاح الفرد. الأفراد الذين يمتلكون مستويات عالية من قوّة الإرادة كانوا الأقرب للحصول على درجات أعلى في صفوفهم والحصول على قبول إداري في مدارس مرموقة.. كانت غياباتهم أقل، يمضون وقتاً أقل في مشاهدة التلفاز ووقتاً أطول في القيام بالواجبات الدراسية».
وأكّد الباحثون أنّ «الانضباط الذاتي العالي لبعض الفتيان جعلهم يتفوقون بأدائهم على نظرائهم الأكثر اندفاعاً في مختلف النواحي الأكاديمية.. وهذا ما لا يضمنه (الذكاء الفطري)»
الدرجات الدراسية مرتبطة بالاجتهاد أكثر من ارتباطها بـ«الذكاء» الخام.
«الاجتهاد هي السمة الأهم لنجاح عمل ما. والمثير للاهتمام حول الاجتهاد هو أنّه يثمر الكثير من الفوائد حتى خارج نطاق العمل.. فالمجتهدون بالإضافة لكونهم يحصلون على درجات أعلى في الدراسة الجامعية، هم أقل ميلاً لارتكاب الجرائم كما أنّ زواجهم يستمر لفترة أطول. هم أيضاً يعيشون حياة أطول ليس فقط لأنّهم يدخنون ويشربون أقل من غيرهم، بل لأنّ ضغط الدم لديهم منخفض وأقل إصابة بالجلطات ومرض الزهايمر».
مَن هم الأفضل في الحياة؟ الأطفال ذوي العزم
«العامل الأكثر إنباءً بالنجاح، هو التقديرات المتوقعة للتلاميذ العسكريين في الميزة اللامعرفية والغيرجسدية، المعروفة بالعزم. وهو - كما عرَّفهُ الباحثون - التوق للأهداف الطويلة المدى».
التعلّم عملية نشطة
ألعاب «الذكاء» التي تدّعي أنّها تجعل من طفلك عبقرياً هي غير نافعة. في الحقيقة، بل إنّ هناك ما يدعو لتصديق أنّها تجعل الأطفال أكثر غباءً. «هذه المنتجات لم تنفع أبداً ولم يكن لها أي تأثير إيجابي على كمية المفردات اللغوية التي يكتسبها الجمهور المستهدف من الأطفال بين الـ(17 إلى 24) شهراً، بل وبعضها كان له أذى فعلي. إنّ كلّ ساعة من النهار يمضيها الطفل في مشاهدة فيديوهات الأطفال تقلّل من قدرته الفهمية بمعدل (6 إلى 8) مفردات لغوية عن الطفل الذي لا يشاهد هذه الفيديوهات».
التعلم الحقيقي ليس عملية خاملة بل عملية نشطة. ماذا يوصي Dan Coyle - كاتب The Talent Code؟ إنّه يطلب منا التوقّف عن القراءة والبدء باختبار أنفُسنا
«إنّ أدمغتنا تتعلّم الأشياء عبر القيام بها وليس عبر السماع عنها. هذا أحد الأسباب الذي يجعل من أفضل الطُّرق لتطوير مهاراتنا أن نمضي ثلثي وقتنا في اختبار أنفُسنا في هذه المهارات بدلاً من الاستغراق فيها. هناك قاعدة تسمى قاعدة الثلثان وهذه القاعدة تقول أنّنا إذا أردنا أن نقول أو نحفظ مقطع ما فمن الأفضل أن نمضي 30% من وقتنا بقراءته والـ(70%) المتبقية من الوقت باختبار نفسنا به».
الهدية التي تأتي في الوقت المناسب قد تكون شيئاً جيِّداً
إليك هذه الملاحظة: «قبل كلّ شيء، من الأفضل أن يأكل الأطفال بشكل صحّي كلّ الوقت. تظهر الأبحاث أنّ الطعام يصنع فرقاً في علامات الأطفال».
«الجميع يعرف أنّه يجب تناول الإفطار في يوم الفحص الهام. الأطعمة قليلة الكربونات، الغنيّة بالألياف، دقيق الشوفان البطيء الهضم هو من أفضل الأطعمة حسب ما تظهر الأبحاث. وما تأكله في الأسبوع السابق يهم أيضاً. عندما تم اختبار 16 طالب مدرسة بالنسبة للانتباه وسرعة البديهة، ثمّ تم إطعامهم مأكولات عالية الدسم وقليلة الكربونات لمدّة 5 أيّام بالاعتماد على اللحوم والبيض والجبن والكريمة، وبعدها تم اختبارهم ثانيةً فكانت النتيجة أنّ أداءهم تراجع».
هناك دائماً حالات استثنائية. ما من طفل يتناول طعام صحّي كلّ الوقت، لكنّ السخرية تكمن في كون الأطفال يتناولون الطعام السيِّئ في الوقت الخاطئ.
أظهرت الأبحاث أنّ الكافيين والسكر يمكنها أن تكون محفّزات للدماغ: «قد يكون للكافيين والغلوكوز تأثير إيجابي على الأداء الإدراكي... نظراً لأنّ هذه المناطق مرتبطة بعمليات الذاكرة والانتباه الداعم، فإنّ النتائج تقترح أنّ الكافيين الممزوج بالغلوكوز قد تزيد من فاعلية النظام البديهي».
كما أنّ هذين النوعين من الأطعمة هي مكافآت يحبها الأولاد. لذا عندما يميل الأولاد لتناول الحلويات والصودا، فمن الأفضل إعطاؤها لهم وهم يدرسون ليس بينما يستريحون.
أطفال سعداء = أطفال ناجحون
الأطفال الأكثر «سعادة» هم الأكثر ميلاً لأن يتحوّلوا إلى أشخاص ناجحين ومنجزين.
«السعادة منفعة عظيمة في عالم يؤكِّد على أهمّية الأداء. وسطياً، الناس السعداء هم أكثر نجاحاً من التعساء، سواء في الحبّ أو العمل، لأنّ أداءهم يكون أفضل وعملهم أكثر كمالاً كما أنّهم يكسبون أُجوراً أعلى من غيرهم وهم أكثر احتمالاً لأن يتزوجوا ويكونوا راضين في زيجاتهم».
المجموعات التنافسية تعتبر ذات أهمّية
مورثاتك ومورثات والديك لها تأثير كبير على أطفالك؛ لكن ماذا عن الطريقة التي يجب أن تربّي بها أطفالك؟
إنّها ليست بأهمّية المورثات. «في الأشياء التي تخص مقاييس القدرة الفهمية وبعض نواحي الشخصية، الأطفال البيولوجيين يكونون مشابهين لأهلهم. أمّا بالنسبة للأولاد بالتبني، فإنّ النتائج غريبة. علاماتهم ليست مشابهة لأهلهم بالتبني بأي شكل من الأشكال. وغير مشابهين، في شخصيتهم أو في مهاراتهم الذهنية، للناس الذين ربّوهم، أطعموهم، ألبسوهم، قرأوا لهم، علّموهم وأحبوهم لمدّة 16 سنة أكثر من شبههم لأي شخص التقوا به في الشارع».
إذاً.. ما هو الشيء الذي له ذلك التأثير الكبير على سلوك أطفالك؟ إنّها مجموعاتهم التنافسية
غالباً ما نتكلّم عن الضغط التنافسي عندما يكون سلبياً لكنّه غالباً لا يكون كذلك. إنّه إيجابي العيش في حيٍّ لطيف. الذهاب إلى مدرسة جيِّدة والتأكّد من أنّ أطفالك يخرجون مع أطفال جيِّدين يصنع فرقاً هائلاً.
«دراسة عن طلّاب جامعة توضّح قوّة تأثير شريك السكن على الطالب. وُجِد أنّه عندما يقوم الطلّاب ذوي مستوى العلامات المنخفضة بمشاركة السكن مع طلّاب ذوي علامات مرتفعة.. فإنّ معدّل علاماتهم يزداد، هؤلاء الطلّاب يُعدون بعضهم بعادات الدراسة الحسنة والسيِّئة. كما قام شريك سكن ذو علامات مرتفعة بالتأثير على شريكه في السكن ذو العلامات المنخفضة فازدادت علامات الأخير».
آمن بقدرات أطفالك
أن تؤمن أنّ أطفالك أذكى من المعتاد يصنع فرقاً. عندما أخبر الباحثون بعض الأطفال أنّهم أكثر «ذكاءً».. فإنّ هؤلاء الأطفال أصبحوا أذكى بالرغم من أنّ اختيارهم تمّ بشكل عشوائي. «Rosenthal and Lenore Jacobson (1968) قاموا بنفس الدراسة في غرفة صف حيث قاموا بإخبار الآنسات في مدرسة ابتدائية بأنّ لديهم تلاميذ محدّدين في صفوفهم مرشحين لنيل مُنح جامعية.. في الحقيقة، تم اختيار هؤلاء التلاميذ بشكل عشوائي ولم يقم الباحثون بأي ما يمكن أن يميّز أُولئك التلاميذ. ومع هذا، في نهاية السنة الدراسية 30% من التلاميذ، الذين تم اختيارهم اعتباطياً وتسميتهم كمرشحين جامعيين، حصد نسبة ذكاء تساوي 22 كمتوسط وحصل تقريباً كلّ مَن تبقى على نسبة «ذكاء» تساوي 10 على الأقل».
ملاحظة أخيرة
«الذكاء» ليس كلّ شيء، بدون الأخلاق الحسنة والتعاطف، قد يكون الناس الأذكياء مخيفين جدّاً.
كما قال P.J.O`Rouke: «صحيح أنّ الأذكياء لا يتورطون غالباً في قتال الحانات؛ لكنّ الأغبياء لا يخترعون الكثير من قنابل الهيدروجين».
* سالي حنا
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق